Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
على مسئوليتى

د. زاهى حواس يكتب: المتحف المصرى… مخزناً للأسرار

شعور رائع بالفخر والمهابة يتملكنى فى كل مرة أزور فيها المتحف المصرى فى قلب ميدان التحرير فى القاهرة.. كأننى أدخل محراباً أو معبداً أو مكاناً مقدساً للعبادة والتراتيل والصلوات.
ذلك هو شعور بالضبط بمجرد أن تطأ قدماى مدخل المتحف وصعود درجات السلم وصولاً إلى صحن المتحف أو ما يسمى بـ”البركة”، والنظر إلى التماثيل والتوابيت الضخمة لملوك وملكات مصر الفرعونية.
وأول ما ترى العين من آثار هو التمثال المزدوج الضخم لفرعون مصر “أمنحتب الثالث” المعروف بين الأثريين بلقب “باشا العصور القديمة” وزوجته الملكة القوية “تى”.
وعلى الرغم من تكدس الآثار فى المتحف المصرى رغم ضخامته، وعدم وجود مساحة كافية لعرض كل أثر بما يليق بمكانته التاريخية والفنية، إلا أن المتحف مازال يحمل طابعه الخاص، والتى ربما تميز به عن سائر متاحف الأرض.. رغم ما يحلو للبعض من تسميته “مخزن الآثار” وليس “متحف الآثار” والمؤكد أننا لو أردنا أن نمنح كل أثر داخل المتحف المصرى المساحة الكافية لكنا فى حاجة إلى مبنى تصل مساحته إلى ثلاثة أضعاف مساحة المتحف المصرى كله.
وموضوع تكدس الآثار بالمتحف موضوع قديم سئل عنه جاستون ماسبيرو أول مدير فرنسى للمتحف المصرى وأجاب بسرعة بديهته وفهمه للروح المصرية قائلاً:”لو زار أحدكم أى منزل مصرى مضى عليه مائة عام لوجد أن المصريين يستغلون كل مكان على الحوائط لوضع صور أفراد العائلة جيلاً بعد جيل حتى لا تكاد الجدران ترى من وراء الصور.
وأضاف أن المتحف المصرى ما هو إلا تعبير عن الواقع المصرى..!
وعلى الرغم من أن مصر ــ ولا أقول وزارة الثقافة ــ وحدها تقوم حالياً ببناء أضخم مشروع ثقافى على وجه الأرض وهو المتحف المصرى الكبير تحت ظلال أهرامات الجيزة العظيمة لكى تنقل إليه كنوز ملوك وفراعنة مصر القديمة من المتحف المصرى بالتحرير والمخازن والمناطق الأثرية المنتشرة فى ربوع البلاد.
إلا أن متحف التحرير سيظل مفتوحاً بعد تطويره بالكامل وتحويله إلى متحف للفن المصرى القديم، وستبقى به مجموعات فنية من تماثيل ولوحات وتوابيت وغيرها من الآثار التى هى علامات فى الفن المصرى القديم، مثل تمثال “خفرع وحورس” وتمثال “رع حتب ونفرت” وغيرهما من آثار مصر الفرعونية التى لا مثيل لها فى أى متحف آخر بالعالم.
إن أسرار روعة المتحف المصرى بالتحرير لا تكمن فقط فى الآثار المعروضة فى قاعاته وصالاته.. والقصص التى يحكيها كل أثر معروض، وإنما تكمن أسرار المتحف فى تلك الصناديق المغلقة منذ مئات السنين فى سراديبه السفلية، ولا أحد يعرف عما تحويه هذه الصناديق من كنوز الآثار، حتى أن أقفال بعض هذه الصناديق قد تعدها عمرها قرناً من الزمان.. وهذه الآثار هى نتاج حفائر علماء الآثار الأوائل فى مناطق مصر المختلفة، وفى عصر لم تكن فيه هناك مخازن آمنة للآثار سواء سراديب المتحف المصرى.
وهناك مشروع طموح الآن لتسجيل آثار المتحف المصرى سواء المعروض أو المخزون فى سراديبه..
إننى لفخور حقاً بأن لدينا مجموعة من شباب الآثاريين والمسجلين والمرممين يعملون بكل حب وإخلاص للكشف عن الآثار الدفينة فى سراديب المتحف المصرى بالتحرير.. إنه جهد رائع من أجل التحضر والتنوير.

د. زاهي حواس كبير المستشاريين العلميين للمؤسسة المصرية لتبسيط العلوم

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى