زياد الصغير يكتب: رحلة في تاريخ إنسان
الإنسان رحلة طويلة يعرف بداياتها ولا يعرف نهاياتها، وعليه أن يسير فيها، ليس هذا فحسب لكن كل إنسانٍ له دور في تطور وتقدم الحضارة الإنسانية،هناك من يسير في الرحلة وهو يعرف دوره وهناك من تسير به الرحلة و لا يعرف دوره ، تعال معنا في الرحلة لنعرف سويًا
( ١ )
قالت عالمة الأنثروبولوجيا (مارجريت ميد ) ذات مرة عما تعتبره أول علامة على الحضارة الإنسانية ، توقع الحضور أن تتحدث عالمة الأنثروبولوجيا عن الفئوس أو الأواني الفخارية أو الأحجار أو المباني و المشغولات والمعابد والمصنوعات والآلات الحربية، لكن فاجأتهم وقالت : إن أول علامة على الحضارة هي إثبات وجود شخص شفي من كسرٍ في عظمٍ أعاقه عن الحركة ، في مملكة الغاب إذا كسرت ساقك تموت ، لا يمكنك الهروب من الخطرأو الذهاب إلى النهر؛ لشرب الماء أو الصيد لإطعامك، بل تصبح لحمًا طازجًا للحيوانات الأخرى، لا ينجو أي حيوانٍ من ساقه المكسورة لفترة كافية لشفاء العظم، إن كسر عظم الفخذ الذي تم شفاؤه دليل على أن شخصًا ما قضى وقته في البقاء مع الشخص الذي كُسِر وجَبَره، ووضع الشخص في مكانٍ آمنٍ واعتنى به حتى تعافى ،الإنسانية هي مقياس الحضارة و بدونها لا توجد أي حضارة أو تقدم، بل على العكس فبدون الإنسانية ستكون الغلبة للوحشية و سيكون قانون الغاب هو المسيطر و يصبح البقاء للأقوى والأشرس، ويكون القتل هو القيمة الحقيقية للمجتمع، على عكس الإنسانية فهي البقاء للأصلح و ليس للأقوى ،فالقوة بلا عقل لا تساوي شيئًا،هل يستطيع إنسان أن يتقاتل متجردًا من السلاح مع فيل؟ الغلبة هنا للأقوى ( للفيل )، ولكن برصاصةٍ صغيرةٍ يمكن التغلب علي الفيل، إذن الغلبة للعقل والفكر، لكن هل الغلبة للعقلية المجرمة؟ كلا ، لأن العقلية المجرمة لا تريد الحضارة ولا التقدم بل تريد السيطرة فقط ، الحضارة هي تكاتف المجتمع كله للوصول إلى رفاهية جمعاء تنعكس على جميع أفراده .
الحضارة هي الحب،الحضارة هي الإنسانية وحين يفقد الإنسان إنسانيته يفنى الجميع.
رحلة الاهتمام بالآخر هي أول طريق الإنسانية .
و للحديث بقية
