Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
على مسئوليتى

غادة الصياد تكتب: شخصية الطفل

شخصية كل منا هي بلا أدنى شك؛ نتاج مجموعة من عوامل كثيرة تبدأ بطباعنا وخصائصنا الذاتية الموروثة، ثم تتشابك مع ظروف حياتنا البيئية والاجتماعية والاقتصادية، وبكل تغيرات هذه الظروف وتقلباتها على مر السنين. ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن مرحلة الطفولة ومن بين كل مراحل العمر هي الأكثر تأثيراً في بناء شخصية الإنسان، ومن هنا تأتي أهمية العناية بنمو شخصية الطفل بما يجعله سوياً في سلوكه من جهة، وأساساً صالحاً لشخصية صحيحة ومتوازنة قادرة على مواجهة الصعوبات والتحديات من جهة أخرى.

مفهوم الشخصية وأهمية مرحلة الطفولة
الشخصية مصطلح نردده في كل يوم تقريباً، فنشير إلى شخص بأنه يتميز بشخصية ضعيفة وآخر شخصيته قوية وهناك من يتميز بالشخصية الخجولة أو المترددة أو شديدة الغضب أو المتهورة…
فنحن في هذه الحالة نعبّر عن رأينا في صفاته وما نلاحظه في ميزاته التي تكوّن ذاته، ومن هنا يمكن أن نعّرف شخصيتنا بأنها مجموع تجاربنا وأفكارنا وخبراتنا وقراراتنا أو آرائنا ووجهات نظرنا وحتى عواطفنا كذلك مواقفنا وردّات فعلنا، والتي تنصهر جميعاً في البوتقة التي تسمى ذاتنا، ثم نعيد رسمها وإخراجها بشكل معين تتمثّل فيه شخصيتنا.
إذاً تعتبر الشخصية ولعوامل عديدة كبصمة الإنسان؛ فكل فرد يملك شخصية مستقلة تميزه عن الآخرين وتقدمه بصورة معينة أمام المجتمع. ونظراً لأهمية شخصيتنا في تحديد مواقف الآخرين منّا وأسلوب تعاملهم معنا، لابد أن نتعرف على منشأ هذه الشخصية وكيف نبنيها ونطورها.
فإن أهم فترة من الحياة في تكوين الشخصية هي الطفولة في جميع مراحلها المبكرة والمتوسطة والمتأخرة، فالطفولة هي مرحلة التعّلم والتجريب والاختبار، وبالتالي تكوين المواقف ووجهات النظر والملاحظات التي سوف تكون لها تاثير في بناء الشخصية .
العوامل التي تؤثر في بناء الطفل لشخصيته
فتكون الشخصية عند الطفل بحيث تتناسب مع ما نرغب أن تكون عليه في المستقبل
، فالشخصية هي كل مركّب تجتمع عوامل عديدة في تشكيله؛ منها عوامل وراثية يأخذها كل طفل عن والديه وأخرى يتأثر فيها وهو جنين، ثم تأتي العوامل البيئية والاجتماعية و هي العوامل المكتسبة من البيئة المحيطة كما ذكرنا من قبل التي يتأثر فيها الطفل خلال مراحل نموه المختلفة، فلا نبالغ إذا قلنا بأن كل حدث في حياة الطفل سوف يكون له انعكاس على شخصيته في المستقبل.
أولاً: العوامل الفطرية والوراثية ودورها في التأثير على شخصية الطفل
العوامل كما اكد علماء النفس من خلال ابحاثهم يخلق الإنسان وهو مزود بمجموعة من الحاجات الأساسية؛ ومن أهمها الحاجة إلى الأمان والبقاء والاستمرار من جهة والحاجة إلى الغذاء والاجتماع من جهة أخرى، ومع وجود هذه الحاجات من البديهي أن يزوّد الإنسان بمجموعة من ردّات الفعل والغرائز والدوافع (كالجوع والخوف أو التفاعل مع الآخرين) التي تسعى لإشباع تلك الحاجات، وهذه الحاجات وتلك الدوافع والغرائز هي ما يشكّل شخصية الإنسان الطبيعية والفطرية، والتي تعتبر الهيئة الأولى التي تتمثّل فيها شخصية كل طفل بشري وتعتبر موجودة لدى كل البشر مهما اختلفت ثقافاتهم أو مجتمعاتهم وأماكن سكنهم أو طريقة تربيتهم.
العوامل الوراثية:
من المعروف أن الوراثة مسؤولة عن العديد من الصفات العضوية والجسدية التي تظهر على كل إنسان، وبنفس الطريقة ينسحب الأمر على الخصائص الشخصية أيضاً، فالولد هو سر أبيه ونستطيع القول أيضا أن البنت هي سر أمها، وهذا ما يفسّر ذلك التشابه بين بعض صفاتك وخصائص طفلك، حيث أنه في تلك الرحلة التي تقوم بها جيناتك حاملةً معها بعض صفاتك كاللون أو طول القامة أو شكل الشعر؛ تأخذ معها أيضا البعض من خصائصك النفسية والشخصية لتزرعها أخيراً في شخصية طفلك، فقد أثبت دراسة اجريت في واحدة من الجامعات العريقة أن هناك إحدى عشرة خاصية تنتقل من الآباء والأمهات إلى أطفالهم عبر الوراثة ومن بينها: المزاج العدواني أو المرِح أو العصبي أو الهادئ وحتى الحساسية أو الذكاء ، ليس فقط الخصائص أو المزاج بل حتى بعض المخاوف والهواجس والطباع يمكن أن تنتقل عبر الوراثة إلى طفلك.
ثانياً: العوامل البيئية والاجتماعية و آثارها على تكوين شخصية الطفل
تعمل شخصية الطفل بالطريقة الأسفنجية؛ فهي تمتص التجارب والخبرات والمواقف وحتى المفاجئات أو الصدمات بالإضافة إلى الملاحظات العواطف المشاعر والأفكار في كل المراحل والأماكن التي تمر خلالها، حتى تُشبَع أخيراً بكل ما هي بحاجة لتعلمه، ثم تعصر ما تعلمته على شكل مواقف وردود أفعال ووجهات نظر وقناعات؛ تتكامل معاً لترسم الشخصية بشكلها النهائي. وبالإضافة لما ذكر من عوامل فطرية ووراثية هناك عوامل بيئية واجتماعية تساهم في صياغة هذه الشخصية :
العوامل البيئية:
* يبدأ الطفل باكتساب ذلك الجزء من شخصيته الذي يتعلّق بالعواطف وبعض الانفعالات البسيطة منذ أن يكون جنيناً في رحم أمه الذي يعتبر البيئة الأولى التي يوجد فيها، فالطفل يتواصل مع أمه ويشعر بحالتها النفسية والجسدية ويتأثر بهذه الحالة، حيث أنه يشعر بحزنها أو فرحها أو توترها وغضبها، وينعكس شعوره هذا سلباً أو إيجاباً على شخصيته بعد الولادة ( فالأم المتوترة مثلاً كثيرة الغضب أثناء حملها ربما يأتي مولودها متوتر أيضاً كثير البكاء والتذمر).
* وقد يؤثر تناول الأم الحامل لبعض الأدوية أو إدمانها على بعض المنبهات أو المنشطات أو العقاقير المخدرة على أعصاب طفلها وبالتالي حالته النفسية مستقبلاً.
* أما بعد الولادة فيخرج الطفل لبيئة مختلفة وجديدة، وقد يكون لما تحتويه هذه البيئة من ظروف صحية في الجو والمسكن ونوع الغذاء المتوفر، أو ظروف نفسية مثل: رغبة الوالدين بإنجاب هذا الطفل أو عدمها….، كل هذا له آثار بالغة على طريقة استقباله في الحياة وبالتالي على شخصيته عندما يكبر.
أما العوامل الاجتماعية:
* تبدأ الآثار الاجتماعية بالتأثير على شخصية طفلك منذ ولادته في تلك الفترة التي تدعى المرحلة الحسية الحركية، حيث يتعلم في هذه المرحلة الانفعالات وردّات الفعل البسيطة التي يعبّر عنها بالبكاء أو بعض الاستجابات الحركية، ويتأثر طفلك هنا بمدى تقبله والاهتمام به من قبل الأسرة والمحيطين، وهو يحتاج في هذه المرحلة لإغداق الكثير من الحب والحنان عليه عن طريق معانقته مثلا ومداعبته باستمرار والتفرغ التام من قبلك للاهتمام بشؤونه وحاجاته.
* أما في المرحلة التالية تلك التي يبدأ فيها طفلك بتعلم المشي والنطق، هنا تدخل إلى حاجاته مهمة التربية إضافة للمحبة التي كانت في المرحلة الماضية، كما تتدخل البيئة المحيطة به أيضا كعامل مهم بالتأثير على مداركه ومن ثم شخصيته. وفي هذه الفترة يحتاج طفلك لنوع جديد من الاهتمام حيث يجب مساعدته على اكتساب اللّغة والكلام من خلال الحديث معه بشكل متواصل وإدخال مفردات جديدة إلى قاموسه، وتعليمه أن بعض الجمل والكلمات تعتبر سيئة وغير مقبولة، ومساعدته على فهم واستخدام الضمائر، هذا بالإضافة لتشجيعه على تعلّم المشي وتدريبه على ذلك من خلال تمارين يومية تمارس معه على شكل لعبة ممتعة. ومن الجدير بالذكر أن العلاقات الأسرية السائدة من حيث التوافق أو التفكك والخلافات أو الشجارات الموجودة داخل الأسرة يكون لها بالغ التأثير على شخصيته في هذه المرحلة، حيث أن هذه العلاقات هي ما يحدد نصيبه من الاهتمام الذي يحتاجه لاكتساب متطلبات المرحلة العمرية التي يمر بها فيجب على الوالدين الانتباه وإعطاء هذه المسألة ما تستحقه من اهتمام.
* ومع تقدم طفلك بالسن واكتسابه اللّغة والمشي بشكل تام يدخل مرحلة جديدة من النمو والتعلّم، وهي مرحلة اللعب والتقليد والخيال، وفي هذه الفترة تبدأ شخصية الطفل بالتبلور بشكل أولي، حيث أن كل واحدة من تقنيات التعلّم الفطرية هذه تمارس دورها ووظيفتها من خلال إتاحة الفرصة أمام طفلك لاكتشاف العالم المحيط به والقيام بتجاربه وتكوين خبراته وتعلّم أدواره، وفي هذه الفترة أيضاً تلاحظ على طفلك النشاط المفرط وحتى التهور في بعض الأحيان؛ فترى أنه يلعب بكل شيء دون ملل ويجرب كل ما يلاحظه أو يتخيله ويقوم بتقليدك بالكثير من تصرفاتك بشكل ببغائي، كما تلاحظ عليه بعض التصرفات والأفكار والمعتقدات الغربية (مثل: الخوف من الأشباح أو بعض الشخصيات الوهمية أو أن هناك شيء ما يختبئ وراء الستار ويريد إيذائه بعد ينام الجميع ويتركوه وحيداً )، وعليك في هذه المرحلة إعطاءه حريته وعدم تقيده فدعه يأخذ الفرصة ليتعلم ويجرب. كما يجب أن تجيبه على أسئلته التي لا تنتهي في هذه الفترة وتحاول توجيهه للعديد من الأمور ومشاركته في ألعابه دائماً.
* وفي المرحلة التالية يبدأ طفلك بالخروج من المنزل ويتسع عالمه أكثر؛ فيتعرف على اخرين من اصدقاء ويبني شبكة العلاقات الخاصة به، وهنا يتعرض طفلك للكثير من التجارب فهو في هذه المرحلة قد يختلف مع بعض أصدقاءه ويتشاجر معهم ويتخذ المواقف، ويتعرّف أكثر على حدوده وحقوقه وواجباته، ويفهم قيم التسامح والتنازل في بعض الأحيان بغية الحفاظ على علاقاته مع الآخرين. وفي هذه المرحلة أيضا قد تتأثر شخيصة الطفل بعدد أخوته وترتيبه بينهم (كأن يكون الابن الأكبر أو الأصغر أو ذكر وحيد بين مجموعة من الإناث أو أنثى وحيدة بين مجموعة ذكور أو وحيد تماماً، بالإضافة لمقدار فرق السن بينه وبينه أخوته فهو أيضاً سيقيم نمطاً معيناً من العلاقات مع أخوته تبعاً لهذه الظروف، وتحتاج هذه المرحلة لأن تعطي لطفلك قدراً من الحرية دون أن يؤذي نفسه، فدعه يخرج ليلعب مع أصدقاءه وشجعه على تنمية وتطوير علاقاته معهم وعلمّه قيم التسامح والتعاون وعدم الأنانية والحفاظ على حقوقه، ووجهه باستمرار دون المبالغة في إلقاء المحاضرات والأوامر والنواهي فالتكرار في هذه الأمور يفقدها قيمتها بالنسبة للطفل.
* ومع دخوله المدرسة يواجه طفلك عالماً جديداً مختلف كلياً عن الذي اعتا

زر الذهاب إلى الأعلى