Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
على مسئوليتى

دكتورة عزة أحمد هيكل تكتب: عطر المبادئ

في فيلم «عطر امرأة» للمبدع «آل باتشينو» يوجد مشهدان من كلاسيكيات السينما العالمية: مشهد الحوار بين البطل «فرانك» القائد الجنرال الذى فقد بصره وفقد روحه والشاب الصبى الصغير «شارلي» البرىء الذى حاول أن يساعد ذلك الجندى المصدوم فى الحياة وفى المبادئ وفى القيم، فقد بدأت الحبكة والقصة حين خطط ثلاثة طلاب من مدرسة «بيرد» المتميزة والتى بها أبناء الطبقة الراقية والمؤهلة للدراسة فى أرقى جامعات أمريكا مثل «بنسلفانيا» و«هارفارد» خطط هؤلاء الصغار وأساءوا إلى مدير المدرسة واتهموه بالفساد، لأنه لديه عربة جاجوار وأهالوا عليه الطلاء من بالونة طائرة تحمل “رسمًا كاريكاتيريًا” له وهو يقبل مؤخرة مجلس الأمناء أو أصحاب المدرسة!!! وكان «تشارلي» قد رأى المنفذين للعملية ولكنهم طلبوا منه ألا يكون واشيًا بهم وساومه مدير المدرسة بأنه لو قال أسماء المنفذين فإنه سوف يمنحه منحة كاملة للدراسة بهارفارد وهو الصبى المسكين الذى رضى بالعمل لدى هذا الجنرال المتعجرف السكير نظير 300 دولار تمكنه من حجز تذكرة عودة لرؤية أمه فى فرنسا بعد أن فقد والده وتزوجت الأم من رجل سيئ… فى مشهد ما بين البراءة والخبرة الممزوجة بالألم والمرارة والفشل وينتصر «شارلي» لأنه متمسك بمبادئه ولأنه يرفض أن يبيع ضميره من أجل رشوة المدير إلى «هارفارد» ولأن البراءة استطاعت أن تكشف مواطن الجمال والعطاء والحب بداخل ذلك الجنرال العنيد وفى مشهد المحاكمة التأديبية بالمدرسة يأتى الجنرال ليكون أبًا بديلًا لـ«تشارلى» وحين يقرر مدير المدرسة الفاسد أن يتغاضى عن معاقبة الصغار الذين نفذوا العملية الحقيرة وأن يسامح «جورج» لأن والده من أكبر رجال الأعمال والمساهمين فى المدرسة ويعلن أن المذنب الوحيد هو الصبى الفقير الذى ليس له سند ولا أب ولا مال ولا عزوة.. ينتفض الجنرال ويلقى خطبة تدرس كما تدرس خطبة «مارك أنطونيو» فى مسرحية «يوليوس قيصر»، حين حول «مارك أنطونيو» الرأى العام من معادٍ إلى قيصر ومساند لـ«بروتس» وأعوانه فماذا بالشعب أو الغوغاء يثورون على من قتلوا «قيصر» ويبكونه ويتوعدن قاتله.. هذه الخطبة السياسية لـ«أنطونيو» تعادل خطبة الجنرال «فرانك» أو «آل باتشينو» وهو يخاطب الطلاب والأساتذة ويدعوهم إلى تربية الضمير والروح والمبادئ داخل الطلاب، فكيف لطالب خائن لأقرانه يقبل برشوة يصبح قائدًا لهذه الأمة.. إن تربية الروح والمبادئ هى التى تبنى الانسان والقادة والاوطان.. التعليم والتربية والأخلاق والسلوك هو الباقى وهو الذى ينهض بالحياة ويجعل لها عطرًا وقيمة ومعنى. ما أصعب الاختيار فى ظل مجتمع يصفق لمن لا يملك الضمير والمبادئ ويعتبرها براءة ورذيلة لا تعادل حنكة وخبرة الحياة التى تعيش على مبادئ ميكانيكية الغاية تبرر أى وسيلة

التمسك بالقيم والضمير اليقظ وأن تأتي لحظات تعلم فيها الصح من الخطأ وتختار أن يسير في طريقالوعي الصعب لتصل إلى مرفأك متأخراً خاوي اليدين لا تملك منصباً أو مال أو جاه ولكن تملك روحك وذاتك وقيمتك فهي لحظة الأنتصار .. المبادئ هي عطر الحياة وقيمة الإنسان والوجود… تمسك بها تزداد جمالا وبهاء.

زر الذهاب إلى الأعلى